Friday, October 29, 2010

عزاء واجب لشعب الإمارات في فقيدهم صاحب السمو الشيخ صقر محمد القاسمي

بسم الله الرحمن الرحيم
" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي "
صدق الله العظيم
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره

يتقدم عبدالرحمن فارس بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن أسرته
بخالص العزاء الى أسرة القاسمي
وشعب رأس الخيمة خاصة و شعب الإمارات عامة
في وفاة المغفور له بإذن الله
صاحب السمو الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة
ويسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان في مصابهم الجلل
...

هذا الرجل التقيته أكثر من مرة وأنا بالصف الثالث الإعدادي في دولة الإمارات

منهم مرة على مأدبة غداء في قصره
بعد حصول مدرسة (المنيعي) بمنطقة الحويلات بإمارة رأس الخيمة على المركز الأول على مستوى في الدولة في تقديم البرنامج الإذاعي ، وكنت أنا أحد أعضاء الفريق الفائز
كما أذكر أنه صلى خلفي الظهر في أحد الأيام التي تغيب فيها أبي عن المسجد وكنت أنا ﺃؤﻡ المصلين في غيابه
غير صلاتي بجواره في المسجد العديد من المرات
حيث كانت له جولة دورية على كل مناطق الإمارة
وكان لا يصطحب معه من الحراس الا القليل ولكنه كان عند لقائه بالناس يبعدهم
..
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته
وانا لله وانا اليه راجعون
" نسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته
ويلهم أهله وشعب الإمارات الصبر والسلوان "
.........
نبذة عن الشيخ صقر محمد القاسمي رحمة الله :
حفل سجل الشيخ صقر بن محمد القاسمي بصفحات ثرية من المنجزات الوطنية والمواقف النبيلة التي أثرت في مناحي الحياة السياسية والاجتماعية في إمارة رأس الخيمة على مدى أكثر من ستة عقود من الحكم بعد تسلمه أمور الإمارة عام 1948.

وقد عرف عنه شجاعته وحكمته وقدرته على بسط الأمن والسلام والنظام واهتمامه بالتعليم ومتابعته شؤون الإمارة وكل ما من شأنه أن يؤمن الحياة الكريمة للمواطنين.

مولده ونشأته:
وينتمي نسب الشيخ صقر بن محمد القاسمي إلى الشيخ رحمة بن مطر بن كايد مؤسس دولة القواسم في المنطقة 1760 عقب إنهيار دولة اليعاربة ويعود تسلسل نسبه كما يلي: صقر بن محمد بن سالم بن سلطان بن صقر بن راشد بن رحمة بن مطر بن كايد وهو الجد الأكبر للقواسم.

وقد ولد الشيخ صقر في 1920 في مدينة رأس الخيمة ونشأ نشأة إسلامية عربية في كنف والده الشيخ محمد بن سالم القاسمي الذي كان حاكما للإمارة ما بين 1917 و 1919.

واتصف بالهدوء والحلم وقوة الإرادة والشجاعة في إبداء الرأي.. وعرف عن الشيخ صقر بن محمد القاسمي إعتزازه الشديد بتاريخ أجداده الذين بنوا أكبر قوة بحرية عربية في المنطقة كما عرف عنه ولاؤه لأمته العربية ونصرته قضايا الحق والعدل والسلام.

وتمتع الشيخ صقر منذ ولادته برعاية أبوية خاصة أساسها التعلم وأخذ المعرفة بأمور الدين والدنيا فقد نشأ بين أشقائه وزملائه ينهل في دراسته معاني القرآن الكريم وحفظ آياته وتعلم القراءة والكتابة على يد ما كان يسمى في ذلك الوقت "المطاوعة" حيث درس الشيخ صقر في طفولته على يد المطوعة السيدة فاطمة زوجة حمد الرجباني المعروف بإسم "المغربي".

وتلقى في تعليمه الأولي حفظ آيات من القرآن الكريم والحساب ومبادئ القراءة والكتابة.. وكان عمر الشيخ صقر حينئذ لا يتجاوز عشر سنوات ثم درس فيما بعد على يد معلمين متخصصين أحضرهم الحاكم في تلك الفترة خصيصا من نجد لتدريس أفراد العائلة الحاكمة في بيت الحاكم.

ثم تلقى دراسة العلوم الدينية والعربية على يد الشيخ سيد الهاشمي في بيت فضيلة الشيخ علي بن محمد المحمود وكانت الدراسة فيها شبه نظامية.

ولاية الحكم:
تولى الشيخ صقر بن محمد القاسمي الحكم في إمارة رأس الخيمة يوم الخميس الموافق 17 يوليو 1948 في شهر ربيع الأول عام 1367 هجرية فعمل منذ ذلك التاريخ على إرساء قواعد الوحدة الوطنية بين القبائل في الإمارة وجمع شملها والتأليف بينها وجعلها وحدة متماسكة .

وعكف الشيخ صقر بن محمد القاسمي على رفعة شأن إمارته وتقدمها في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية فحققت رأس الخيمة بجهوده المتواصلة تقدما كبيرا في ركب العلم والتقدم.

وعلى مستوى المنطقة قبل قيام اتحاد دولة الامارات انتخب الشيخ صقر عام 1965 رئيسا لمجلس الحكام وضم إمارات الساحل واستطاع خلال ترؤسه المجلس تحقيق الكثير من المنجزات وظل في هذا المنصب الى قيام الاتحاد.

وعمل إلى جانب أشقائه حكام الإمارات على إقامة إتحاد متماسك ومترابط يجمع شمل الإمارات في دولة واحدة تزيل الحواجز بين أبناء المنطقة الواحدة.

وعلى الرغم من الصعوبات الجمة التي واجهت قيام الاتحاد إلا أن الإرادة الوحدوية الصلبة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات تمكنت من تخطي كل العقبات وتحقيق الأمنية الغالية لشعب الإمارات حيث شهد يوم الثاني من ديسمبر 1971 ميلاد دولة حديثة أصبحت يوم إعلانها الدولة الثامنة عشرة في جامعة الدول العربية والعضو الثاني والثلاثين بعد المائة في الأمم المتحدة.

وفي 10 فبراير من عام 1972 انضمت إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد ليكتمل بذلك عقده في بوتقة كيان سياسي موحد وقوي.

وقد جاء بناء الاتحاد إضافة إلى كونه ضرورة حتمية لمواجهة التحديات التي كانت تواجه المنطقة ترجمة عملية لتعزيز أواصر القربى وصلات الرحم بين أبناء الإمارات جميعا.

وتحولت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال سنوات قلائل من قيام اتحادها إلى دولة عصرية مزدهرة ينعم مواطنوها بالرفاه والرخاء بفضل القيادة الحكيمة والعطاء السخي والجهود المخلصة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

وصرح الشيخ صقر بن محمد القاسمي يومها "إننا وإن كنا نبني اتحادا في هذا الجزء من وطننا العربي الكبير فإنما ذلك لا يعدو أن يكون لبنة في صرح بناء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج".

وتكللت الجهود المخلصة للشيخ صقر بن محمد القاسمي في بناء الإنسان بالنجاح الكبير وأصبح الواقع المعاش لما وصل إليه الإنسان في دولة الإمارات من رقي يعكس مدى أهمية هذا الإنجاز في مسيرة الاتحاد والوطن.
وتربط الشيخ صقر بن محمد القاسمي علاقات ودية وأخوية مع قادة المنطقة من خلال الزيارات التي قام بها خلال فترة حكمة للعديد من الأقطار العربية والأجنبية.

إهتمامات الشيخ صقر وسياسته الداخلية:
يمتاز الشيخ صقر القاسمي بسياسته الحكيمة وبعد رؤيته وتطلعه الدائم الى المستقبل بعين التفاؤل والأمل إذ يقول عند حديثه عن اكتشاف النفط في رأس الخيمة "نأمل أن نحقق خلال ثلاث سنوات ما حققته الدول الشقيقة في عشر سنوات ولن يكون اعتمادنا في نهضتنا على النفط وحده".

ولذا عمل منذ توليه الحكم على إرساء قواعد الوحدة الوطنية في الإمارة ولم شمل القبائل وتوحيد صفهم لأن الإنسان في نظره هو الثروة الكبرى للوطن.

كما وجه الشيخ صقر بن محمد القاسمي جل اهتمامه لنشر العلم والمعرفة في المجتمع إيمانا منه بدور التعليم في بناء الإنسان والمجتمع وتكوين الوعي الحضاري للدول وفي هذا الصدد كان يقول: "للتعليم فوائد جمة في حياة الإنسان وسعادته فعن طريق القراءة والكتابة يعرف الإنسان أصول دينه.. ويصبح إنسانا مستنيرا مثقفا واعيا مدركا".

وأدرك الشيخ صقر بن محمد القاسمي خلال السنوات الأولى لحكمه أهمية التعليم والمعرفة في تكوين الوعي الحضاري وبناء شخصية الإنسان والمجتمع وفي تحديد مسار حياة الفرد العملية والاجتماعية.

وفي سبيل نشر التعليم أمر بإنشاء دائرة للمعارف لمتابعة شؤون البعثات العلمية في الإمارة وذلل العقبات أمام كل الوفود التعليمية التي أرسلتها الدول الشقيقة والصديقة من أجل نشر العلم وافتتاح مدارس نظامية على أرض رأس الخيمة وكان يشجع الطلاب وأولياء الأمور ويحثهم على تعليم أبنائهم ويصرف لهم مكافئات شهرية.

واتخذ الشيخ صقر بن محمد القاسمي منهجا تربويا إلى جانب التعليم فقد افتتح عددا من المدارس وجعل التعليم اجباريا للبنات كما هو للابناء حتى أن الطالب يعاقب اذا ما تغيب عن المدرسة دون عذر ولا يعفى عنه إلا بضمانة ولي أمره وتعهده بمتابعته والمثابرة في الدراسة وتلقى العلم وفي فترة لاحقة في أواخر الستينات تم صرف إعانة شهرية تشجيعا للأب المتخوف أوالمتردد في إرسال أبنائه للدراسة بواقع "ريال" عن كل تلميذ لكل يوم يداوم فيه فكان ذلك تشجيعا للآباء على الحاق أبنائهم بالمدارس وتحفيزا للأبناء للاهتمام وبالتعلم والالتزام بالدراسة وإذا ما تغيب الطالب كان يخصم منه ريال عن كل يوم غياب.

ومنذ أن تولى الحكم أولى العلم والتعليم جل اهتمامه فاصبح في راس الخيمة عشر مدارس في عام 1960 خمس منها للبنين وخمس للبنات وعمل على انشاء المدرسة الزراعية في الدقداقة في سنة 1955 ثم انشأ المدرسة الصناعية في سنة 1969.

كان التعليم في بداياته مختلطا في المرحلة الابتدائية ومع ازدياد الطلبة تم بناء المزيد من المدارس حتى وصل عدد المدارس في عام 1969 الى 27 مدرسة وارتفع عدد الطلبة الى حوالي ستة آلاف طالب وطالبة.

ويقول الصحفي سليم زبال الذي زار رأس الخيمة في بداية ستينات القرن الماضي في كتابه "كنت شاهدا ": "سألنا الشيخ صقر ، ما رأيكم في تعليم الفتاة؟، فرد مستنكرا: الفتاة، ماذا تعني بكلمة فتاة،
هل هي مخلوق آخر غير الانسان؟، تستطيع أن تفرق بين إنسان وحيوان
وليس بين إنسان وإنسان آخر، إن بناتنا يتعلمن بحرية تامة ونحن نشجعهن".

بكلمات قليلة لكنها معبرة وصادقة استطاع الشيخ صقر أن ينصف المرأة ويعطيها حقها ويعينها على التزود بالعلم ايمانا منه بدورها العظيم في الحياة والتنمية الشاملة في المجتمع.

وأولى الشيخ صقر اهتماما خاصا بالعلم والعلماء وكان يكرم المدرسين الذين قدموا الى رأس الخيمة في فترة الخمسينات والستينيات وقدم لهم كافة التسهيلات التي تعينهم على اكمال مهامهم في تعليم ابناء المنطقة.

ولم يقتصر اهتمامه على التعليم العام بل تركز ايضا على تحفيظ القرآن الكريم للطلاب والطالبات على حد سواء لان سموه كان يردد دائما ان دراسة القرآن الكريم وعلومه فيه ارشاد وتهذيب وتقويم للنفس والسلوك والعمل.

كما اهتم بتوفير رعاية صحية شاملة لأبناء رأس الخيمة فافتتح المستشفى الكويتي وفي عهده تم إنشاء ثلاثة مستشفيات عصرية في الإمارة.

وفي عهد الدولة الإتحادية انطلقت عمليات التطوير والبناء في رأس الخيمة بإرساء قواعد الإدارة الحكومية السليمة وبناء المؤسسات التنظيمية والمالية والإدارية والمرافق والدوائر الحكومية التي تتولى الإشراف على تنفيذ مشاريع التنمية.

وقد توالت نهضة رأس الخيمة العمرانية والإقتصادية بتوجيه وإشرافه ففي سنة 1969 افتتح الطريق المعبد بين رأس الخيمة والشارقة وفي عام 1976 افتتح مطار رأس الخيمة الدولي وفي 1977 افتتح ميناء صقر.

وبذلك حققت إمارة رأس الخيمة خلال سنوات قلائل في عهده منجزات كبيرة وشهدت تحولات جذرية على طريق التقدم والإزدهار انطلقت من وضع خطط حديثة لتطوير المدينة على أسس عصرية بإقامة العديد من المرافق الحيوية بالإمارة.

وحققت إمارة رأس الخيمة إنجازات حضارية شاملة في جميع الميادين بالجهود المخلصة للشيخ صقر بن محمد القاسمي وتوجيهاته السديدة بتسخير كافة الإمكانات المادية لبناء الوطن وخدمة المواطنين ومنحهم أراض سكنية بدون مقابل.

كما ساهم في مساعدة ذوي الدخل المحدود لبناء منازل لأسرهم.

وحرص الشيخ صقر بن محمد القاسمي على الالتقاء بالمواطنين على الطبيعة وتفقد احتياجاتهم والاطمئنان على أحوالهم والاستماع إلى مطالبهم واحتياجاتهم من مشاريع الخدمات بمناطقهم.

وكرس كل جهوده منذ أن تولى مقاليد الحكم لخدمة المواطنين وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في حياة كريمة يسودها الاستقرار والأمان والرفاهية وبناء دولة حديثة ينعمون بظلال تقدمها وازدهارها.

وأعطى الشيخ صقر اهتماما ورعاية للشباب وكان دائما يحرص على دعوتهم باستمرار إلى التسلح بالعلم والأخلاق حتى يسهموا بدورهم في خدمة الوطن.

وحرص الشيخ صقر أيضا على حث الشباب على العمل والإنتاج والالتحاق بمختلف ميادين العمل باعتبار أن العمل شرف وواجب.

أما على الصعيد الاقتصادي فقد استقطبت الإمارة في عصره العديد من الصناعات الناجحة التي ساهمت في دفع عجلة التقدم ومنها صناعة الإسمنت والأدوية والسيراميك وأخيرا الحديد، وتلك الصناعات تعد من الصناعات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط.

وتربط الشيخ صقر القاسمي علاقات أخوية وطيدة مع الدول الشقيقة المجاورة كما تربطه بدول العالم علاقات صداقة وتجارة واقتصاد طيبة.

ويحظى بتقدير كبير من قبل الأسر الحاكمة في الدولة وجميع الأوساط السياسية والدبلوماسية العاملة في دولة الإمارات العربية النتحدة ولما يتصف به من تواضع وحكمة وسخاء.

No comments: